كاف الخطاب سحر أم حنو؟
- جيهان الكردي
- Mar 21, 2020
- 1 min read
حين أستمع إلى قصيدة تنتهي بقافية "الكاف المخاطبة" أشعر بأن الحرف يغدو أكثر من مجرد كونه حرفًا، يمتدُّ ويتطاول حتى لكأنه إنسان، إنسان يمتلك مشاعر وأحساسيس ورقة، ربما من أجل ذلك كانت "كاف" فهي في رسمها تشبه "الكتف" الذي يحتضن، وتبدأ الكلمة "الكتف" أيضًا بالحرف نفسه، كأن هذا الحرف يشبه الملاذ الأخير، الصديق الحميم، الإنسان الرحيم، ففي نهاية الكلمة (ك) تحمل الكاف في داخلها كافا صغيرة وكأنها أم تحمل جنينها، إقرأوا معي هذه الأبيات للشاعر (إياد حكمي) واستمتعوا:
خــذني إليك أما تعبت وأنت تأخذني معــك
أَدْخِل خــطاي إلى لهيبك كـي ترى ما أوجعك
أحـــتاج أن ألقـــى الذي تلقــاه لا أن أتبعـــك
هبني إلى عينيك و أغــرف من دمائي أدمعك
لا كنتُ منك إن شـــهقت ولم أُوســـع أضلعك
لا كنت منك إذا انكسرت وما انحنيتُ لأجمعك
لم قلت لي أن الزمان وإن بغـــى لم يُخْضـعك
أقنعــــتني أن الحـــياة أرق مــــن أن تفــجعك
وفجعـــتني بك خاضعًا، هبني فمًا كي أقنعك
ويقول ابن جني في وصف مخرج حرف الكاف والذي يصنف ضمن الحروف الشديدة:"وهو الذي يمتنع الصوت أن يجري فيه، لكمال قوة الاعتماد على مخرج الحرف". وكأنّ المخرج مرتبط مع الشعور! وكأن هذا يثبت استناد المعنى على الكاف في نهاية العبارة! حتى أن هذا الحرف يبقى شامخًا حتى في وسط الكلمة وبدايتها، فهل هناك ارتباط بين رسم الحرف ومخرجه وبين الإحساس الذي يولّده سماعُه؟ والمعنى المراد له؟ ولماذا اختير هذا الحرف ليكون حرفًا للخطاب؟ وكأن المراد: أنا أحتاجك أيها الآخر، أنا أحتاج أن أستند إليك مهما عبرتُ من الحروف، فالمحطة الأخيرة ستكون لديك! ويا لجمال ورقة الكلمات التي تعبر عن الحب والرحمة حين يتم التخاطب بها مثل: أحبك، أشتاق إليك، أسمعك، أشعر بك، تحياتي لك، أهنئك...
Comments